العاشقون ليسو دائما في نعيم، لاسيما بعد ان اخضع باحثون ظاهرة الحب وإعراضه للبحث والدراسة وكانت النتيجة ان آلام الحب تتشابه كثيرا مع أي مرض عضوي، بل انها قد تقود الى الموت أحيانا.
"ومن الحب ما قتل" مثل قديم يتداوله العشاق وكذلك أولئك الذين يرثون لحال العشاق او يسخرون منهم، لكن ما لم يكن في الحسبان هو ان يثبت العلم بالتجربة العملية والمخبرية صحة هذه المقولة. وطبعا ليس المقصود هنا "مرض الحب المعدي" المعروف طبيا بمرض "السفلس"، فهذا النوع من المرض أصبح بفضل اكتشاف البنسلين مرضا عاديا يمكن معالجته. لكن المقصود هنا بمرض الحب الذي لا يستطيع البنسلين وربما أي عقار أخر التغلب على أعراضه، والمتمثل في آلام العشق ومعاناة الفراق بين الأحبة وما يصاحب ذلك من سهر وارق وغيرها من الأعراض النفسية والجسدية.
"مرض الحب" قد يؤدي الى الموت
العشقون في نعيم، لكن حياتهمك قد تتحول الى جحيم
منذ شهر فبراير 2005 والباحثون يخضعون "ظاهرة الحب" وإعراضه للدراسة والبحث، وخلصوا الى نتيجة مفادها ان آلام الحب تتساوى مع أعراض كثير من الإمراض العضوية الأخرى. وسجل فريق بحث أمريكي ارتفاع درجة تركز هرمونات الإعياء في الدم، مشيرين ان هذا التركز المرتفع في الشرايين يؤدي الى إرهاق عضلات القلب ويمكن ان يسبب اضرارا للقب وربما يؤدي الى توقف نبضاته، وفقا لما ورد في مقالة للباحث ايلان فيتستاين في مجلة "نيو انجيلاند" للطب. وقارن فيتستاين الحالة بوضع الإدمان. وأكدت ذلك تجارب اخرى من خلال الكشف على الدماغ أجريت في كل من الولايات المتحدة وبريطانيا. وتقول هذه التجارب بأنه في حالة ما إذا وقعت عيون إنسان عاشق متيم من الدرجة الأولى على صورة عشيقة، فإن دماغه يصبح في حالة تشبه حالات تعاطي الكوكايين. وعلى العكس من ذلك عندما سحبت صورة المعشوق، حيث تراجعت حالة الدماغ والأعضاء الى حالتها الطبيعية وكأنما صُب عليها ماء باردا. من جانبه قام فريق من الباحثين في جامعة تورينجن الألمانية، برئاسة الدكتور عارف نجيب، بالكشف عن أدمغة مجموعة من النساء التي هجرهن شركائهن قبيل وقت قصير. النتيجة كانت ملحوظة للعيان وهي ان انفصال هؤلاء النسوة عن شركائهن ترك أثارا على الدماغ لديهن، كما وأدى الى حدوث تغييرات في الأنسجة تساوي تلك التي تحدث عند ما يصاب المرء بحالة الإكتئاب النفسي. كما سجلت تغييرات ملحوظة في بؤرة الدماغ المركزية ( (amuygdala المسؤلة عن تحفيز المشاعر والدوافع) وكذلك في مناطق مهمة اخرى كثيرة في الدماغ.
تشابه أعراض "مرض الحب" لدى الرجال والنساء
آلام العشق قد تتسبب في تعطيل عمل القب
هل يتعرض الرجال ايضا لنفس المعاناة؟ هذا ما حاولت الباحثة النفسية النمساوية جيرتي سينجر اكتشافه من خلال سؤالها لمجموعة مكونة من 40 رجلا و30 امرأة عانوا من عذاب انهيار علاقاتهم العاطفية. وتوصلت سينجر في هذا البحث الذي مثل أطروحتها العلمية للحصول على الدكتوراه، الى نتيجة مفادها وجود تشابه كبير في المعاناة لدى الرجال والنساء، ولكن في أوقات مختلفة. "فالنساء يعانين من آلام الحب عادة قبل وصول العلاقة العاطفية الى طريق مسدود"، حسب قول الباحثة النمساوية، التي أضافت بأن النساء هن في العادة من يضعن نهاية للعلاقة. لكن الاختلاف الكبير بين الرجال والنساء في هذا الجانب هو في مدى استعداد أي من الجنسين للحديث عن نفسه. ففي الوقت الذي سجل فيه الرجال الذين يسرون بمعاناتهم لغيرهم فقط نسبة 30 في المائة، كانت نسبة النساء 93 في المائة. وتفسر هذه الظاهرة بأن منطقة الاستجابة في الدماغ عند الرجال هي نفسها لدى النساء، لكن يبدو ان معاناة الرجال اكبر من معاناة النساء، كما يقول الباحث نجيب. وقام معهد ريزا في ميلاند بإيطاليا بتوجيه السؤال لـ 1000 شخص في الفئة العمرية ما بين 24 وَ 65 سنة حول ما إذا كانوا قد تعرضوا في حياتهم للمرض بسبب الحب. اكثر من ثلث الرجال قالوا نعم، بينما واحدة فقط من كل خمس نساء أجابت بنعم. ويلجأ الرجال عادة اكثر من النساء الى المغامرات الجنسية، هروبا من الواقع بعد فشل العلاقة العاطفية مع الشريك. وتقدر الباحثة النمساوية سينجر بأن الرجال يحتاجون الى حوالي 11 شهرا للتعافي من أثار فشل العلاقة العاطفية بينما تحتاج النساء الى فترة قد تصل الى 15 شهرا.