-1-
مِن بينِ خَمائِلِ الوَردِ لَوَّحَ لَها ، فانتَفَضَ فؤادها وهَبَّ مِن سُباتِه...!
اقتَربَ قَليلا، فازدادَ اضطرابها، وسَرَت في الجَسدِ رَعشَة لَم تتبيّن كُنهَها...
أَهوَ الخَوف؟ أم الحبّ!
قَطَفَ وَردَةً واقتربَ، فَفَزعَ قَلبُها وأَوْجَسَ حيرَة:
أيَنجلي الحُزن بَعدَ طولِ مُكثٍ؟
أَتَصفو الأيَّام بَعدَ كُلِّ ذلِكَ الكَدَر؟
أَتُطوَى لَيالي الوِحدة الكَئيبة ويُلقى بها في غَياهِبِ الزَّمن؟!
وَلِمَ لا..؟!
فالله رزَّاقٌ كَريم، رَحمَنٌ رَحِيم..!
لَم يَكن ذَلكَ الرَّجل الوَسيم يَشكو وِحدَة، فَهو زَوجٌ وأبٌ لثلاثةِ أبناء، إلاَّ أنَّه مُهمَل!
اقتَربَ أكثَرَ وأكثرَ، وعِندَ نقطَةِ الالتِقاءِ، مَدَّ يَدَهُ فَارِغَة إلاَّ مِن وَرْدَة، فلم تُطاوِعها يَدها، واستَحلفَتْه ـ بِحَياءٍ ـ ألاَّ يَفَضَّ الخَاتِمَ إلاَّ بِحقِّهِ..!
قَبَضَ يَدَه واسْتدَارَ، فَانقَبَضَ فُؤادُها وشُعاعٌ مِن أَمَل كَادَ أن يُنيرَ دَربَ أمَانِيها.
مَرَّت الأيَّام عاديَّة لا جديد فيها، إلى أن عَادَ ثَانيَة وَبِيَدِهِ وَرَقة و قَلمٌ..!
لَم يَطلُبْ الكَثير، كَانَ مُجرَّدِ تَوقيع، لكنَّها خَافَت فامتَنَعَت، فضَجَّت الأصْواتُ مِن حَولِها، كانت الأصْواتُ مَألوفَة، فذاكَ صَوت صَديقتها، وهذا صوت قريبتها، وذاكَ الذي يَأتي مِن بَعيد صوت جارَتها:
- مَاذا تنتظرين...؟!
- رَحَلَ الوالِدَيْن وتَزَوَّجَ الإخوَة، فعَلى مَن تُعوِّلين؟
- إنَّه زواج شرعي وإن كانَ مُسمَّاه زَواجا عُرفيًّا..
- الفُرصَة لا تَأتي إلاَّ مَرَّة واحِدَة، وصدق الشَّاعرُ حين قال: إذا هَبَّت رِياحُكَ فَاغتنِمْها !
طَأطأت رَأسَها باسْتِسلام، وَمَشَت نَحوَه بِانكِسَار، مَدَّت يَدَها فَاحتَضَنَتها يَده، وَغرِقا في بَحرٍ مِن أوهَام.